recent
أخبار ساخنة

دعاء الوداع،،، محمد المشبك

محرر
الصفحة الرئيسية
دعاء الوداع
 
 "الله لا يوفقك... الله لا يعطيك الصحة و العافية.. كم تمنيتُ لو أنني أجهضتك في تلك الساعة المشؤمة، كم تمنيت لو أنني ابتلعت سماً وقتلتك أيها العار... اللهم..."
لملم عيسى ملابسه وكتبه خارجاً من منزل أبيه في ذلك الصباح البائس وأدعية أمهُ تنهال على رأسه كالحجارة الثقيلة، فقرر أن لا يعود إلى المنزل مجدداً،أتخذ قراراً نهائياً حتى موته،وأن فكرة العيش مع عمه طوال حياته أفضل شيء يمكن أن يفعله عيسى،وعليه أن يكمل دراسته على نفقته الخاصة ومن كد يده، كان عيسى متيقناً أن ما كان بفعله في ذلك اليوم وفي كل يوم هو شيئ خاطئ، لكن ما باليد حيلة.. لأنه كان مراهقاً، مشاكساً و طفلاَ مشاغب، لايأخذ النصيحة ولم يكن باراً بوالديه أيضاً، لذا فأن أختياره لترك العائلة وقطع الصلة بهم راحة له وسكينة لوالديه.
مضى عيسى في حياتهِ مثابراً على دراسته ومواظباً على تنمية أعماله ومهاراته التي بدأت بعناء وتعب شديدين، وعمل على اشباع رغباته بكل مايريد ودون أن يعارض طريقه أياً كان.
(بعد عشرة سنوات)
بلغ عيسى أفضل ما خطط له و حظيّ بمرتبة أجتماعية عالية من حيث العلاقات و الصداقات الجيدة، وكان موفقاً حتى في أختيار الزوجة التي أنجبت له ذكرا يافعاً و مطيعاً أسماهُ جعفر،أمسى أبو جعفر ذا حسب و نسب، له معارفه وحضوره في كل مناسبة وكل ندوة وساعده على ذلك كثيراً تفوقه في دراسته بعد أن أكمل الماجستير في العلوم السياسية.. اما ولده جعفر فكان يقدرُ و يكافئ أثناء مسيرته الدراسية الأبتدائية وهو بكامل قدراته وذكائه كأبيه وأمه. عاش عيسى برفاهية يحسد عليها وأنعم بحياةٍ لا مثيل لها أبداً فكان ممتن لعمه الأكبر وشاكراً له على مساعدته في الوصول إلى ما أبتغاه و رغب فيه، وعلى الرغم من تلك الرحلة الشاقة و الموفقة بقى عيسى يحمل الغل و الحقد في قلبه على أهله وأمه التي ودعته بكلماتها الموجعة و الحارة كحرورة قلبها على ولدها البكر وذلك قبل عشرة سنوات عندما قالت:
"الله لا يوفقك... الله لا يعطيك الصحة و العافية.. كم تمنيتُ لو أنني أجهضتك في تلك الساعة المشؤمة، كم تمنيت لو أنني أبتلعت سماً وقتلتك... يا أيها العار...آه اللهم لا تأخذ بدعائي هذا ولا تقبله لآنني غاضبة ولا أفقه ما أقول... وكيف لي أن أعكر حياة ولدي البكر الذي لا أملك غيره؟!! "
google-playkhamsatmostaqltradent